ما هو الركود الاقتصادي؟
إن الإحاطة بمفهوم الركود الاقتصادي أمر بالغ الأهمية بالنسبة لمتداولي الفوركس الذين يتعاملون مع الأسواق المتقلبة. سنتعمق في هذه المقالة في تعريف الركود الاقتصادي، وأسبابه، وتأثيره على قيمة العملات، مما يوفر رؤى أساسية لاتخاذ قرارات تداول مستنيرة
الركود الاقتصادي: تعريف
يتسم الركود الاقتصادي بأنه انكماش مؤقت في النشاط الاقتصادي ويتميز بانخفاض في التجارة والإنتاج الصناعي. ويتم التعرف عليه عادةً من الانخفاض المتتالي في الناتج المحلي الإجمالي على مدى ربعين.
ومع ذلك، يقوم المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) بتقييم حالات الركود باستخدام مجموعة أوسع من المؤشرات، مثل الرواتب غير الزراعية، والإنتاج الصناعي، ومبيعات التجزئة. ويعرّف NBER الركود بأنّه انخفاض ملحوظ وواسع النطاق في النشاط الاقتصادي يستمر لفترة طويلة، وغالباً ما يستمر لبضعة أشهر.
خصائص الركود الاقتصادي
إن الجوانب الأساسية للركود هي:
- يمثّل انخفاضاً كبيراً وواسع النطاق ودائماً في النشاط الاقتصادي.
- يتم قياسه من ذروة التوسع الاقتصادي السابق إلى أدنى نقطة في الانكماش.
- قد تكون مدته قصيرة، وتمتد لبضعة أشهر فقط، ولكن الطريق إلى الانتعاش يمكن أن يمتد إلى عدة سنوات.
- تاريخياً، كان منحنى العائد المقلوب بمثابة مقدمة للعديد من فترات الركود.
- من الممكن أن تستمر معدلات البطالة المرتفعة لفترة طويلة حتى خلال فترة التعافي الاقتصادي.
- تقوم الدول بتنفيذ سياسات مالية ونقدية للتقليل من المخاطر المرتبطة بالركود الاقتصادي.
أسباب الركود الاقتصادي
إن فترات الركود هي مرحلة نموذجية من الدورة الاقتصادية، إلا أنّها أصبحت أقل وأقصر في الآونة الأخيرة مقارنة بالفترات السابقة. ويمكن أن تكون الأسباب المؤدية إلى الركود متنوعة:
- تشديد السياسة النقدية. قد تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم، مما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الركود.
- انفجار فقاعات أسعار الأصول. عندما تنفجر فقاعات المضاربة في الأصول كالعقارات أو الأسهم، فإنها قد تؤدي إلى انخفاض حاد في الثروة وثقة المستهلكين، مما يتسبب في حدوث ركود اقتصادي.
- الصدمات الخارجية. يمكن للأحداث كارتفاع أسعار النفط، أو الكوارث الطبيعية، أو الصراعات الجيوسياسية أن تؤدي إلى تعطيل النشاط الاقتصادي، مما يؤدي إلى الركود.
- التباطؤ الاقتصادي العالمي. إن ضعف الشركاء التجاريين الرئيسيين أو التباطؤ الاقتصادي العالمي المتزامن يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الطلب على الصادرات، مما يؤدي إلى ركود في الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية.
- عدم استقرار السوق المالي. يمكن للاضطرابات في الأسواق المالية، كالأزمات المصرفية أو انهيار المؤسسات المالية، أن تؤدي إلى انتشار الذعر وتعطيل الأداء الطبيعي للاقتصاد، مما يؤدي إلى الركود.
إن فهم هذه الأسباب يمكن أن يساعد صناع السياسات والمستثمرين على توقع تأثير الركود على الاقتصاد والتخفيف من حدته.
كيف يؤثر الركود الاقتصادي على تداول العملات؟
يمكن لفترات الرّكود الاقتصادي أن تؤثر بشكل كبير على تداول العملات بعدة طرق:
- الهروب إلى الملاذات الآمنة
غالباً ما يبحث المستثمرون خلال فترات الركود الاقتصادي عن العملات الآمنة كالدولار الأمريكي، أو الفرنك السويسري، أو الين الياباني. وقد يؤدي الطلب المتزايد إلى ارتفاع قيمة هذه العملات مقابل العملات الأخرى.
- تغيرات سياسة البنك المركزي
قد تقوم البنوك المركزية بتنفيذ تدابير السياسة النقدية، مثل تخفيض أسعار الفائدة أو التيسير الكمي لتحفيز اقتصاداتها أثناء فترات الركود. ويمكن أن تؤثر هذه التغييرات في السياسة على قيم العملات مع توقع المتداولين لتحولات في فروق أسعار الفائدة والظروف الاقتصادية المستقبلية.
- تقلب عملات الدول المصدرة للسلع الأساسية
إن عملات البلدان المصدّرة للسلع الأساسية، كالدولار الأسترالي أو الدولار الكندي، غالباً ما تكون حساسة للتغيرات في الطلب العالمي وأسعار السلع الأساسية. ويمكن لفترات الركود أن تؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع الأساسية، مما يتسبب في تقلّب هذه العملات.
- التأثير على التدفقات التجارية
يمكن أن تؤدي فترات الركود الاقتصادي إلى تعطيل تدفقات التجارة الدولية، مما يؤثر على الموازين التجارية للدول، وبالتالي على عملاتها. وقد تشهد البلدان التي تعاني انكماشات اقتصادية حادة انخفاضاً في قيمة عملاتها مع تراجع الصادرات واتساع العجز التجاري.
- تجنب المخاطر وتداولات المناقلة
خلال فترات الركود، يميل الابتعاد عن المخاطرة إلى الزيادة، مما يدفع المتداولين إلى التراجع عن تداول المناقلة. ويمكن أن يؤدي هذا إلى ضغوط بيع على العملات ذات العائد المرتفع وضغوط شراء على العملات ذات العائد المنخفض، التي تعتبر ملاذاً آمناً.
- تأثير إصدارات البيانات الاقتصادية
يمكن للمؤشرات الاقتصادية الصادرة خلال فترات الركود، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبيانات التوظيف، واستطلاعات ثقة المستهلك، أن تكون ذات تأثير كبير على أسواق العملات. إذ قد توفر البيانات الأفضل من المتوقع دعماً مؤقتاً للعملة، في حين أن البيانات المخيبة للآمال قد تؤدي إلى انخفاض قيمتها.
- استجابات السياسات ومعنويات السوق
يراقب المتداولون من كثب استجابات صانعي السياسات لحالات الركود، بما في ذلك حزم التحفيز المالي وتدخلات البنك المركزي. حيث يمكن للتطورات الإيجابية أو الفعالية الملموسة للتدابير السياسية أن تعزز معنويات السوق وتدعم العملات، في حين أن الاستجابات غير الفعالة أو غير الكافية قد تؤدي إلى انخفاض قيمة العملة.
- التقلّب و السيولة
غالباً ما تتزامن فترات الركود الاقتصادي مع زيادة التقلّبات وانخفاض السيولة في السوق حيث يصبح المستثمرون أكثر حذراً وتجنباً للمجازفة. ويمكن أن تؤدي هذه التقلبات المتزايدة إلى خلق فرص تداول، ولكنها قد تزيد أيضاً من خطر حدوث تقلبات حادة في العملة.
الخلاصة: الركود الاقتصادي
إن فهم كيفية تأثير الركود الاقتصادي على تداول العملات أمر بالغ الأهمية بالنسبة لمتداولي الفوركس. فهو يساعدهم على تكييف استراتيجياتهم بشكل أفضل وإدارة المخاطر بفعالية في ظروف السوق المتقلبة.
تابعونا على تيلجرام, انستغرام، وفيسبوك للحصول على تحديثات Headway مباشرة.